الضريبة العقارية.. وحكومة تلحس وعودها
عباس الطرابيلى
منذ 7 ساعة 0 دقيقة
من مقالاته:
» تركيا وإسرائيل.. حليفتان نرفض وصايتهما
» صعود.. وسقوط لاعب الدرامز
» العثمانيون قادمون.. يا دهوتى!
» هذه الفوضي الإعلامية.. ومضار الفيس بوك
» الطوارئ.. هذا الدواء المر!
يبدو أننا لا نعاني فقط من حكومة لا تعمل إلا قليلاً.. ومن مجلس أعلي يصمت أكثر مما يتكلم.. ولكننا نعاني من حكومة تلحس وعودها.. اذ كثيراً ما تعد.. ورغم عدم الوفاء بمعظم ما تعد، إلا أنها للاسف لا تنفذ إلا أقل القليل مما تعد به..
فهذه الحكومة - وقد علمت بمدي رفض كل المصريين - بضريبة غالي المسماة الضريبة العقارية، وعدت بعدم تطبيق هذه الضريبة، وصالت وجالت الحكومة وهي تعلن ذلك.. ولم نعرف - وقتها - هل ألغت الحكومة القانون كلية.. أم اكتفت بتجميده.. سعياً وراء تصفيق الجماهير وهتافاتهم أم أنها طوت صفحته إلي حين تنصلح الأمور.. فتعود الحكومة إلي عادتها القديمة.. وقد عادت!!
ومنذ ثلاثة أيام جاءني الخبر اليقين.. وظهرت الرؤية، وبانت الحقيقة فإذا بالمجلس الأعلي يصدر قراراً بالتصديق علي تفعيل هذه الضريبة العقارية، واذا بمجلس الوزارء يرحب.. وإذا بوزير المالية الدكتور حازم الببلاوي يصفق.. ولكن كيف؟!
<< فقد شغلني مرض شقيقي واصابته بجلطة أدخلته العناية المركزة لأكثر من اسبوع، وسافرت إليه في دمياط، إلي أن ذهبت عنه حدة الجلطة الدماغية.. ولذلك لم أقرأ الصحف اليومية إلا قليلاً وأحياناً لم أكن أقرأ إلا العناوين..
إلي أن تلقيت اتصالاً تليفونياً من الصديق «العزيز قوي» الكيميائى عبد الهادي قنديل الذي كان اشهر وزير للبترول في مصر وشهدت البلاد في عهده استقراراً بترولياً ونعمت مصر في عهده بالعديد من الكشوف البترولية وبدايات عصر الغاز، وقال لي: هل تابعت ما تنشره الصحف في الايام الاخيرة.. ولما نفيت أخبرني بما فاتني، قال إن المجلس الأعلي للقوات المسلحة قد صادق علي قرار ببدء العمل بالضريبة العقارية ابتداءً من أول يناير القادم.. ولما قلت: ولكن الحكومة في الايام الاولي لثورة يناير أعلنت وقف العمل بهذا القانون تخفيفاً علي الناس.. بعد عصر طويل جعلنا نطلق عليه «عصر الجباية»، رد قائلاً: ولكن هذا ما حدث.. وفي يدي - يقول الوزير المحترم عبد الهادي قنديل - الان عدد الجريدة الرسمية «الوقائع المصرية» وبه تصديق المجلس الاعلي علي بدء العمل بقانون الضريبة العقارية، وهو العدد رقم كذا.. بتاريخ كذا.. وأردف قائلاً: والوقائع الرسمية لا تكذب ولا تتجمل، منذ صدرت في عهد محمد علي باشا عام 1828 ومازالت تصدر لتعلن للناس قرارات الحكومة وقوانينها.. بل ولا يعمل بأي قانون دون نشره في هذه «الوقائع المصرية».
<< كان ذلك مساء يوم الخميس.. وبحثت عبثاً عن أي صحيفة تكون قد تجرأت ونشرت هذا الخبر، ولكن يبدو أن الحكومة الحالية أرادت أن تعمل بهذا القانون وأن تكتفي بنشره في الوقائع الرسمية التي لا يقرؤها العامة.. بسبب محدودية توزيعها.. وذلك إلي أن يتحضر هذا القانون ويصبح حقيقة واقعة.. ولكن صباح يوم السبت الماضي نشرت «المصري اليوم» الخبر اليقين تحت عنوان «المجلس العسكري يعيد فرض الضريبة العقارية» وكيف صدر مرسوم بتطبيقها في يناير.. مع تصريح لوزير المالية الدكتور الببلاوي يقول ان صدور هذا المرسوم، لا يمنع اعادة النظر ودراسة القانون مجدداً.. ولكن هذا الكلام للاستهلاك المحلي.. اذ كيف نعيد النظر فيه.. بعدما اعلنت الحكومة بدء العمل به، وهو القانون الذي صدر برقم 196 لسنة 2008.
<< ولكن الدكتور الببلاوي قال مبرراً إن تفعيل العمل بهذا القانون يتفق مع احتياجات الدولة للموارد.. ونشرت الصحيفة تصريحاً لرئيس مصلحة الضرائب العقارية طارق فراج ان هذا القانون لم يتم الغاؤه.. ولكن رئيس الوزراء عصام شرف قال في السابق «انه تم تأجيل التطبيق..»
ولنا رأي آخر.. ان الحكومة هي الحكومة.. فالرصيد الدولاري الاحتياطي لمصر يتناقص ساعة بعد أخري، وليس فقط يوماً بعد يوم، والواردات تنخفض وبالتالي الجمارك تنهار.. والانتاج الداخلي يهبط وبذلك ايضا تنهار حصيلة الضرائب الداخلية.. كل ذلك بينما المطالب تزداد..
وكل الجهات تطلب أموالا واعتمادات.. وبالذات تتزايد المطالب الفئوية من طلب زيادة في المرتبات.. وفي العلاوات.. وفي الحوافز.. فمن أين تأتي الحكومة بكل ما يلبي هذه الطلبات.. أي أن الحكومة معذورة.
<< ولكن هل هذه هي الطريقة.. أم نخرج ونقول للناس: انتظروا إلي أن تعود الموارد إلي سابق عهدها حتي نلبي لكم مطالبكم.
أما أن نعمد إلي تفعيل قوانين وعدت الحكومة بلسان رئيسها وقف العمل بها، وليس فقط مجرد تأجيل تطبيقها.. إن ما فعلته حكومة الدكتور شرف ليس عملاً كريماً.. ويكفي أنها عمدت إلي ذلك بنشره في الوقائع الرسمية.. دون الاعلان عن ذلك في الصحف السيارة.. وهذا منتهي ضعف الحكومة.. التي تشتهر أصلاً بكامل ضعفها!!
وحكومة تخشي مواجهة الجماهير لا تستحق ان تبقي.. أقول ذلك رغم انني لست مع امكانية تلبية طلبات الجماهير كلها.. وكان الأجدر بالحكومة ان تكشف للناس عن حقيقة الاوضاع المالية.. وحقيقة انهيار الموارد.. مع تصاعد الطلبات..
<< قولوا للناس الحقيقة.. ولكن لا تخدعوهم.. وربما لكل ذلك يري الناس انهم اذا لم يحصلوا علي مطالب اليوم.. فلن يحصلوا عليها أبداً..
وشكراً الكيميائى عبد الهادي قنديل.. شفاه الله وعافاه الذي نبهني إلي تلك الجريمة الحكومية!! فهو وزير في زمن كان الوزير فيه.. وزيراً..
اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية الوفد - الضريبة العقارية.. وحكومة تلحس وعودها