أبو عيطة: وضع العمال بعد الثورة تحوّل إلى
الأسوأ مادياً.. الاتحاد المصرى للنقابات المستقلة لا يتقاضى مليماً من
الخارج.. وظاهرة الاحتكار فى العمل النقابى أخطر من الاقتصاد الخميس، 10 نوفمبر 2011 - 13:56
كمال أبو عيطة
حوار عبداللطيف صبح - تصوير طارق الجباس - نقلاً عن العدد اليومى
كشف كمال أبو عيطة رئيس أول نقابة مستقلة، وهى النقابة العامة
المستقلة للعاملين بالضرائب العقارية، ورئيس الاتحاد المصرى للنقابات
المستقلة خلال حواره الشامل لـ «اليوم السابع» عن حقيقة التمويل الخارجى
الذى يحصل عليه الاتحاد المصرى للنقابات المستقلة، وعدم قلقه من التعددية
النقابية، مؤكدًا على تمسكه بصدور قانون الحريات النقابية، معلنًا رفضه
للمشروع الأمريكى والتطبيع مع الكيان الصهيونى. وعن طبيعة العمل النقابى فى
مصر بعد الثورة، ونشأة النقابات المستقلة، وصدور قانون الحريات النقابية
كان معه هذا الحوار..
كيف نشأت النقابات المستقلة؟
- قضيت مع زملائى فى العمل النقابى الرسمى 20 عامًا، أحصل قاعديّا على
الأصوات، وأرأس لجنتى النقابية، وأحاول مع زملائى، من خلال عملى النقابى فى
التنظيم النقابى الرسمى، أن تتحقق أى مطالب من مطالب زملائى فى الضرائب
العقارية دون جدوى، حتى بدأنا نتصل ببعضنا البعض ونجتمع فى المقاهى والبيوت
ومقرات العمل. ووصلنا لحد أدنى من التنظيم، فعاجلنا التنظيم النقابى
الرسمى بسيل من البيانات والأكاذيب، تحرض العاملين على عدم التعامل مع
«مثيرى الشغب ومحترفى الفتن» كما وصفونا، فضلاً على بلاغات للأمن،
والاتصالات بالإدارات لمحاصرتنا ومنعنا من الحركة، وكانت القناعة بعدم جدوى
الانتماء لهذا التنظيم النقابى راسخة لدى بعضنا، لكن لم يكن ممكنًا التحرك
لإقامة التنظيم النقابى المستقل ببعض الأعضاء، فشكلنا النواة الأولى للجنة
الإضراب واعتصمنا فى مقر الاتحاد العام لنقابات عمال مصر ليومين، وبالفعل
تمكنا من تأسيس نقابة مستقلة، لا بمرسوم من مكتب عفن، وأسست أول نقابة
مستقلة عام 2008 وهى النقابة العامة المستقلة للعاملين بالضرائب العقارية
والتى تضم 41 ألف عضو نقابى من أصل 47 ألف موظف بمصلحة الضرائب العقارية.
ما مدى أهمية قانون الحريات النقابية بالنسبة للاتحاد المصرى للنقابات المستقلة والعمال؟
- الاتحاد المصرى للنقابات المستقلة وما يشمله من نقابات مستقلة لديه
الشرعية الثورية منذ إنشائه، ولكن قانون الحريات النقابية سوف يعطينا
الشرعية القانونية فى التفاوض مع أصحاب العمل والمسؤولين للحد من الإضرابات
والاعتصامات التى انتشرت فى الفترة الأخيرة لعدم وجود ممثل شرعى للعمال
يتفاوض عنهم، فالإضرابات فى جميع دول العالم تقوم من أجل تحقيق المطالب
المتفاوض عليها، ومصر هى الدولة الوحيدة التى يقوم فيها إضرابات من أجل
التفاوض مع صاحب العمل.
ما الخطوات التى اتخذها الاتحاد المصرى للنقابات المستقلة من أجل إصدار قانون الحريات النقابية؟
- عقدنا العديد من المؤتمرات لتوعية العمال بأهمية قانون الحريات النقابية،
كما نظمنا المسيرات والمظاهرات والاعتصامات التى تطالب بإلغاء القانون رقم
35 لسنة 1976 الذى ينظم العمل النقابى فى مصر وصدور قانون الحريات
النقابية، ليس عن طريق المقر المركزى فى القاهرة فقط؛ ولكن عن طريق فروعنا
فى جميع المحافظات.
وفى حال عدم إقرار المجلس العسكرى لقانون الحريات النقابية.. ما موقف الاتحاد المستقل والنقابات التابعة له؟
- مع احترامنا لأى سلطة مؤقتة موجودة حاليًا فإنه من انتزع الاستقلال
النقابى أيام مبارك وحزبه المنحل وجهاز أمنه المنحل واتحاد عماله المنحل
سيحافظ على الاستقلال النقابى حتى لو لم يصدر قانون الحريات النقابية فلن
نفرط فيما انتزعناه.
الاتحاد المصرى للنقابات المستقلة يدعو للتعددية النقابية.. هل يصب ذلك فى مصلحة العمال؟
- بالطبع هو فى مصلحة العمال، فالاحتكار النقابى فى ظل النظام البائد وفى
ظل اتحاد العمال المنحل جعلهم لا يقومون بدورهم النقابى، فكانوا ينحازون
لصاحب العمل ويقفون ضد العمال وتشجيع الخصخصة والمعاش المبكر والتخلى عن
الدفاع عن حقوق العمال متبنين مطالب أصحاب العمل.
كيف تعتبر التعددية النقابية فى مصلحة العمال؟
- ظاهرة الاحتكار فى العمل النقابى أخطر منها فى الاقتصاد، حيث ينفرد اتحاد
وحيد معترف به من الحكومة وأصحاب العمل، والتبرير لكل ما يضر العامل،
وأقول لمن يرهب العمال من التعددية النقابية «التعدد أفضل من العدم»، فمصر
بلد خالٍ من النقابات، ونحن النقابات الوحيدة فى مصر.
تتجه بعض الآراء إلى أن التعددية النقابية سوف تؤدى لانهيار الكيان العمالى وتفكيكه وتشتيت العمال.. فما رأيك؟
- نحن أدرى بمصالح العمال من هؤلاء، فمن يقول ذلك من أصحاب المعاشات
بالاتحاد العام، ومنهم من تجاوز السن، وليس له دور نقابى مستقبلاً سوى
الجلوس على مقهى المعاشات أو الانضمام لنقابة المعاشات، ولن يكون هناك فوضى
أو انفلات نقابى فى المجتمع مثل الانفلات الأمنى والسياسى.
هناك الكثير من أعضاء وقيادات النقابات
العامة ولجانها النقابية بدأت حربًا ضد وزير القوى العاملة لدعمه للنقابات
المستقلة وقانون الحريات النقابية.. فما رأيك فى ذلك؟
- هناك فلول يحاربون كل قرار أو إجراء تتخذه الثورة ويرشحون أنفسهم
للانتخابات البرلمانية طمعًا فى الوصول للحكم، فهؤلاء هم القوى المضادة
للثورة وضد التغيير.
اتهمك بعض أطراف اتحاد العمال الرسمى بتنفيذ أجندة أمريكية وقبول التمويل الخارجى.. ما ردك على تلك الاتهامات؟
- منذ صغر سنى وأنا ضد المشروع الأمريكى وضد الكيان الصهيونى، وأنا أتعامل
مع نقابات أمريكية وهى نقابات محترمة، وأؤكد على كرهى للإدارة الأمريكية،
والدليل على ذلك شعاراتى فى المظاهرات ضد أمريكا، ولا أقبل المزايدات،
وزيارتى لأمريكا كانت لتبادل الخبرات النقابية، وأتحدى إذا كانت الجائزة
التى حصلت عليها قد منحت لأى استعمارى أو مؤيد للمشروع الأمريكى أو
الصهيونى.
الجائزة التى حصلت عليها تسمى جائزة «جورج مينى»، ويقول البعض إنه شخص معادٍ للعرب، وللإسلام بالأخص.. هل تعلم ذلك؟
- جورج مينى مات و«شبع موت» قبل دخولى العمل النقابى والجائزة باسمه كنوع
من التكريم له كنقابى مثل جائزة نجيب محفوظ فى مصر، وهو مسيحى كاثوليكى
وليس يهوديّا أو صهيونيّا، وكان يرأس نقابة السباكين، ونظرًا لدوره المحترم
فى بناء الاتحاد الأمريكى المستقل للعمال أطلق اسمه على جائزة الاتحاد بعد
وفاته، ومن يردد تلك الشائعات حاصلون على شهادات من الصهاينة، وآخر شهادة
حصلوا عليها هى شهادة الصهاينة بأن مبارك كنز استراتيجى لهم فى المنطقة.
ما طبيعة العلاقة بين الاتحاد المستقل ومنظمة فريدريش إيبرت الألمانية؟
- يوجد العديد من الأجانب يرغبون فى التعاون معنا، وردنا كان عبارة واحدة
«شكرًا.. النقابات إن لم تمول من جيوب أعضائها فلن تكون نقابات»، ولا
نتقاضى مليمًا من خارج الاتحاد، وليس من خارج مصر، وأتحدى أى شخص يقول غير
ذلك، وتمويلنا من اشتراكات أعضائنا.
إذن فالاتحاد لا يتقاضى أى تمويل خارجى أو داخلى.. فماذا عن الدعم الفنى؟
- كان هناك نص فى قانون الحريات النقابية أثناء صياغته أن المعونات والهبات
الأجنبية لصالح النقابات العمالية لابد أن تخضع للإشراف الوزارى، وأنا
أصررت أن النقابات لا تتلقى أى معونات أو هبات أو قروض من أى جهة أجنبية،
إنما الدعم الفنى القادم من الاتحادات والمنظمات الدولية فيما يتعلق بدورات
العمل النقابى فأهلاً وسهلاً، نحن فى النقابات نقبل التعاون فى التدريب
النقابى، وما يربطنا بالاتحادات الدولية والمحلية ومنظمات المجتمع المدنى
هو التدريب، وأنا أعترف أمام الرأى العام بأن من مارس العمل النقابى فى ظل
النظام البائد يحتاج لكورس علاج من أمراض التنظيم النقابى الذى كان يتلقى
أوامره من أمن الدولة ومحتاجون لتعلم حريات نقابية، أو الدعم المعنوى
والتضامن النقابى على المستوى العربى والأفريقى والدولى.
هل اختلف الوضع الاقتصادى والمعيشى لعمال مصر بين قبل الثورة وبعد الثورة؟
- بالطبع اختلف وتحول معنويّا للأفضل وماديّا للأسوأ، لكنها أزمة وسوف تمر.
هل اختلفت بيئة العمل النقابى فى مصر بعد ثورة؟
- نعم تغيرت كثيرًا، فآخر اجتماع نظمته فى نقابة الضرائب العقارية شهد
تواجد قوات الشرطة وأمن الدولة داخل مقر النقابة وخارجها وفى الشوارع
المحيطة له بدون داعٍ، ويكفى أننا مرتاحون من أمن الدولة ومن مبارك والحزب
الوطنى ومن اتحاد العمال، لكن القطاعات الأكبر فينا هى الأكثر تضررًا بعد
الثورة ولكننا منتظرون، فالثورة المصرية هى ثورة بالنقاط وليست بالضربة
القاضية.
ما تقييمك لأداء المجلس العسكرى وحكومة الدكتور عصام شرف فى الفترة الانتقالية؟
- من يجلس على كراسى الحكم الآن ليس هم الثوار، ولكننا سوف نسعى لتنصيب
الثوار الحقيقيين على الحكم لإصدار تشريعات ثورية، يوجد فى القانون ما يسمى
بنظرية الموظف الفعلى، والقائمون على الأمور الآن سواء فى المجلس العسكرى
أو فى مجلس الوزراء ينفذون نظرية هذا الموظف.