تأجيل تطبيق الضريبة العقارية.. يحرم الدولة من 4 مليارات جنيه
يسرية زكريا
الأثنين 2 يناير 2012
مازال قانون الضريبة العقارية يثير الجدل رغم صدوره منذ عام 2008 وتأجيل تفعيله عاما بعد آخر.. آخرها قرار مجلس الوزراء منذ أيام بتأجيل تطبيقه لبداية عام 2013 بدلاً من 2012 .. وهو القرار الذي رفضه بعض الخبراء مؤكدين أن التأجيل لصالح الأغنياء من ملاك القصور والفيلات لأن القراء ومتوسطي الدخل لن يخضعوا لهذه الضريبة.. كما أن التأجيل يحرم ميزانية الدولة من مبلغ يقترب من الأربعة مليارات جنيه..اختلف الخبراء من جديد حول اعفاء المسكن الخاص أو زيادة حد الإعفاء لمبلغ مليون ونصف المليون جنيه..
فهناك من يؤيد الاعفاء الكامل للسكن الخاص وهناك من يرفضه ويبرر ذلك بأن الضريبة العقارية هي حق الانتفاع الذي يسدده المواطن للدولة مالكة كل الأراضي لتحقيق العدالة الاجتماعية حيث يتم انفاق عائد الضريبة علي تطوير العشوائيات والمرافق وتحسين الخدمات وبناء المساكن وتوفير فرص العمل.. كما أن الإعفاء يفتح باب التلاعب بأسماء الأبناء والزوجات.
يقول د. طارق حماد -رئيس قسم المحاسبة والمراجعة بتجارة عين شمس- أن قرار التأجيل ليس من حق حكومة الإنقاذ الوطني اتخاذه.. وهو قرار لا مبرر له وعلي حساب المصلحة العامة لخزانة الدولة ويعد استجابة لأصوات الأغنياء والقادرين أصحاب القصور والفيلات وان تأجيل تطبيقه أو التفكير في إلغائه سيخل بالعدالة الاجتماعية.. لأن هذه الضريبة هي أحد المصادر التمويلية لميزانية الدولة حيث من المنتظر أن تكون حصيلتها أربعة مليارات من الجنيهات.. لذلك فإن التأجيل سوف يحرم خزانة الدولة من نصيبها من عائد هذه الضريبة وهو ملياران من الجنيهات.. وكذلك العشوائيات التي كان نصيبها من هذه الضريبة الربع مليار جنيه والربع الأخير كان مخصصاً لتطوير المحليات والخدمات والمرافق..يؤكد أن قرار التأجيل من القرارات الشعبية التي تتخذها الحكومة علي حساب مصلحة البلد ولمصلحة القادرين.. لأن هذه الضريبة لن تصيب الفقراء ولا متوسطي الحال. ولكن يخضع لها حوالي 5% من الشعب المصري فقط يمثلون أصحاب القصور والفيلات.. موضحاً أن الخبراء نادوا منذ بداية مناقشة قانون الضريبة العقارية أن يتم تقدير الوحدة العقارية حسب قيمتها السوقية سواء كانت سكناً خاصاً أو غيره.. وتعفي من الضريبة الوحدة التي يكون سعرها أقل من نصف المليون جنيه. وكذلك الوحدات التي أقيمت قبل عام 1996 .. مع ضرورة اعفاء غير القادرين من الأرامل والمطلقات من تسديد الضريبة.. ومن جملة هذه الاعفاءات سنصل إلي أن أكثر من 90% من المواطنين سوف يتم اعفاؤهم وعدم خضوعهم لهذه الضريبة.
يضيف أن العدالة الاجتماعية وحماية الفقراء وتوزيع الثروات والتكافل الاجتماعي كانت أهم أهداف ثورة يناير والتي لا يجوز معها تأجيل أو إلغاء هذه الضريبة لأنها لا تمثل عبئا علي القادرين .. فمن يملك فيلا ثمنها 16 مليون جنيه سوف يسدد ضريبة قيمتها 3 آلاف جنيه لا تعني له شيئاً ولن تسبب له أي ضغط أو عبء علي ميزانيته.. مع ملاحظة أن اعفاء المسكن الخاص يمكن أن يفتح باباً للتلاعب ولن تستطيع أي ضوابط أن تحكمه.. ويضيف متعجباً أن هذا القانون كان قد أعد وتمت الموافقة عليه وصدرت لائحته التنفيذية وتم إعداد ووضع قواعد البيانات وطرق تقييم الوحدات السكنية. وكان جاهزاً للتطبيق.. لذلك فإن التأجيل تم فقط لصالح أصحاب الأصوات العالية ولا مبرر له.
يؤكد د. هشام الحموي -أستاذ الضرائب بتجارة القاهرة- أن قانون الضريبة العقارية كان يجب صدوره وتفعيله منذ أكثر من عشر سنوات.. مع العلم أنه ليس جديدا كفكرة لأنه نفس نظرية القانون القديم رقم 56 لسنة 1954 والمعروف باسم "العوائد" لأن حصيلته تعود لخزانة الدولة.. لكن لأن الثقافة الضريبية غائبة عن الكثيرين. جاء الهجوم علي القانون الجديد للضريبة العقارية.
يضيف أن أساس فرض هذه الضريبة هو أن الدولة هي المالك الوحيد لأراضيها وان المواطن يملك المباني فقط وأنه مكلف بأداء حق انتفاعه من هذه الأرض بأي شكل من الأشكال سواء كان مباني للسكن أو إيجار للغير أو زراعة أو صناعة.. ولذلك فحق الانتفاع يقابله سداد الضريبة العقارية.. ومن هذا المنطلق فإنه ليس هناك مبرر لإعفاء السكن الخاص لأنه لا يخضع حتي لمن يسدد ضرائب علي دخله.. وان اعفاء المسكن الخاص قد يدخلنا في دهاليز كثيرة تتطلب قاعدة بيانات لكل الممولين حتي نستطيع أن نثبت السكن الخاص من عدمه وما يحق كتابته باسم أبناء الممولين سواء القصّر أو البالغين وغيرها من هذه الدهاليز لأن تسديد الضرائب أولاً وأخيراً يعتمد علي الثقة في الإدلاء بالبيانات.
يقول إن أحداث ثورة يناير أجلت تفعيل قانون الضريبة العقارية الجديدة عامي 2010 و2011 ثم قرار مجلس الوزراء فمطلوب لذلك إدخال الكثير من التعديلات علي بعض المواد ووضع قواعد ومباديد قانونية مثل زيادة نسبة خصم الضريبة العقارية علي المباني غير السكنية كالتجارية والصناعية والسياحية من 32% إلي 40% لأن هذه المشروعات محملة بأعباء كثيرة.. وكذلك اعفاء المستشفيات والمدارس يجب أن يقتصر علي الحكومية منها فقط أو التابعة لجمعيات خيرية.. أما المستشفيات والمدارس الخاصة والاستثمارية فلا محل لإعفائها.
يضيف أن التعديلات يجب أن تشمل أيضاً أن تكون اعادة التقيم للوحدات كل 5 سنوات وأن تكون نسبة الإعفاء مرنة لأن القوي الشرائية تتغير وأن تزيد نسبة الإعفاء المقررة ل30% من القيمة الإيجارية إلي 50% والتي تخصم من القيمة الإيجارية نسبة ل10% قيمة الضريبة العقارية من القيمة المتبقية.. وبالتالي لا بد أن تكون هناك آليات لاعادة التقييم والنظر في الاعفاءات بشكل دوري.
يؤيد د. حمدي عبدالعظيم أستاذ الاقتصاد ورئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية سابقاً إجراء تعديلات هامة علي قانون الضريبة العقارية أهمها اعفاء المسكن الخاص للممول مع وضع الضوابط لمنع التحايل بتعدد المسكن الخاص حتي لو كان الممول متزوجاً من أربع زوجات.. وكذلك ضرورة اعفاء المصانع والقري السياحية والمنشآت التجارية لأنها توفر ايرادات وأرباح ضريبية تسدد للدولة بالعملات المصرية والأجنبية.
يضيف ان وزارة المالية عليها وضع قاعدة بيانات الكترونية لجميع الممولين أو المواطنين وأن يكون هناك ملف خاص لكل منهم لمنع التهرب من سداد الضرائب المتعددة والتي قد يحدث بها تعارض وفرص للتهرب كضريبة المبيعات أو الضرائب علي الدخل أو الضرائب علي المشتريات والضريبة العقارية.
يؤيد الاقتراح بتعديل زيادة حد الاعفاء التي تبلغ قيمتها أقل من مليون ونصف المليون جنيه.. وأن يؤخذ في الاعتبار عنده اعادة التقييم للوحدات العقارية تزايد الأسعار وارتفاع معدلات التضخم وأن تكون مدة اعادة التقييم عشر سنوات بدلاً من 5 سنوات.
يطالب بضرورة تعديل تشكيل اللجان التي تقوم بتقدير القيمة الإيجارية للوحدات والتي ينص القانون علي تشكيلها من المحليات والضرائب والمالية وأحد السكان فيجب أن يكون نصفها من الجهات الحكومية والنصف الآخر من اتحاد الملاك أو المستأجرين حتي يكون هناك توازن في تقدير قيمة الوحدات.
يري د. سعيد عبدالمنعم -أستاذ الضرائب ووكيل تجارة عين شمس للدراسات العليا- أن تفعيل قانون الضريبة العقارية ضرورة لأنه مورد أساسي لميزانية الدولة.. ولكنه يحتاج لبعض التعديلات التي نادينا بها وقت اعداده وصدوره عام 2008 وأهمها اعفاء السكن الخاص حتي لا يتحول الممول لدافع إيجار للدولة في شكل ضريبة.. وذلك من خلال ضوابط تضمن اختيار سكن واحد للأسرة في حين تخضع أي وحدات عقارية أخري يمتلكها للضريبة إذا تخطت حدود الاعفاء الضريبي..يضيف أن التعديل الثاني هو زيادة حد الاعفاء للقيمة الإيجارية للوحدة من 6 آلاف جنيه إلي 12 ألفاً.. وأخيراً يجب وضع ضوابط لحساب الضريبة علي المصانع والفنادق وتحديد سعر ضغطاً علي أنشطتها سواء صناعية أو فندقية.. لأن اللجان التي شكلتها وزارة المالية منذ صدور القانون لم تحسم طريقة حساب الضريبة عليها لأنها حددت سعراً استرشادياً لمتر الأرض 200 جنيه وهو مارفضته المصانع والفنادق وطالبوا بعدم حساب الضريبة علي الأراضي الفضاء المحيطة بهذه المباني