إنه فضيلة الشيخ / ثابت سعيد إبراهيم
ذلك العالم الذى قضى جل عمره فى الدعوة إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة دون إفراط أو تفريط ...
نشأته وتعليمه :
ولد هذا العالم الجليل فى مدينة قوص كعبة العلماء ، سنة 1946 ميلادية ، وهو من أسرة كريمة ، ترجع جذورها إلى قرية المعرى بقوص ، ويقال إن نسبه يرجه إلى- العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم- نشأ رحمه الله بمدينة قوص ، وتلقى تعليمه الأولى بمدارسها ، ثم حزم حقائبه وارتحل ؛ ليلتحق بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر ، واختار قسم تفسير الحديث الشريف .
رحلته مع الدعوة :
عقب تخرجه فى الجامعة ، عمل إماما بوزارة الأوقاف، ثم تدرج فى الوظائف حتى وصل إلى درجة كبير أئمة .
عمل رحمه الله بكثير من مساجد مركز قوص ، ومنها مسجد سيدى أحمد الطواب ، فمسجد سيدى أبى العباس الملثم ، ثم مسجد مصنع السكر ، و المسجد الكبير بقرية الحلة ، وأخيرا استقر به المقام إماما للمسجد الكبير بقرية جزيرة مطيرة ، ولم يقتصر علمه – رحمه الله – على المساجد التى عمل بها ،أو حلقات الدرس التى كان يكلف بها فقط ؛ بل كان كنبع صاف يفيض بعلمه الغزير على كل من حوله ؛ حيث كان فضيلته يلبى كل الدعوات التى توجه له من المدارس و الأهالى فى الاحتفالات الدينية والمصالحات فى الخصومات الثأرية ، فلم يترك مناسبة دينية إلا وهو يشرح كتاب الله وسنته حتى لبى نداء ربه .
تدينه وصفاته :
كان شيخنا الجليل ، مثالا للتدين والتواضع والحياء والاعتدال، يتمسك بصحيح الدين وأيسره لايحب الغلو أو التشدد ، ولا يغضب إلا لما يغضب الله ورسوله وكان لين الجانب يألف ويؤلف ، لا تغادر البسمة وجهه الكريم ، يحب أولاده ويعطف عليهم ويزورهم ويسال عنهم ، كما كان – رحمه الله – يصل أقاربه ويتسامح معهم ويذهب إليهم ليرضيهم ويصلهم ، كما كان يحب العمل والاجتهاد و ينبذ الكسل والتواكل .
...... وكان رحمه الله ينبذ فعال الجاهلية ، ويعظ الناس بذلك ، ويحثهم على ترك تلك الفعال كالنواح والعويل على الموتى وشق الجيوب ، لذلك كانت وصيته قبل وفاته
التى أوصى فيها قائلا :
" أنا العبد الفقير إلى الله – ثابت سعيد – أؤمن أن الجنة حق ، وأن النار حق ،و أن الموت حق ، وأن الله يبعث من فى القبور ، وأنا بريء مما يغضب الله ."
آثاره وكتبه :
أحب شيخنا الجليل العلم حبا جما، وأراد أن يترك شيئا للناس لينتفعوا به؛ عملا بنص الحديث الشريف :
"إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو ولد صالح يدعو له ، أو علم ينتفع به "
فألف مجموعة من الكتب الدينية التى لم يكن له أجل ليراها تخرج إلى النور ، من هذه الكتب :
1- " محمد رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، وهو دفاعا عن النبى الكريم وسردا لمناقبه الشريفة
2- " التدخين "
3- "أنابيش عمرية " نسبة إلى الفاروق عمر بن الخطاب – رضى الله عنه –
4- " أنابيش بكرية " نسبة إلى الصديق أبى بكر – رضى الله عنه –
5- مجموعة من القصص الدينية للأطفال .
وبهذه المناسبة أذكر أن فضيلته – رحمة الله عليه – قد زارنى فى بيتى للسؤال عن كيفية الحصول على رقم الإيداع من دار الكتب ، حيث طرق الباب و إذ بى أجد فضيلته بالباب ولكم كانت فرحتى بتشريفه لى ، ولم يدخل فضيلته البيت إلا بعد أن قرأ الفاتحة لروح المرحوم والدى – فقد كان يعرفه شخصيا – رحمة الله على الجميع - ، وجلست معه وأنست به وبعلمه الغزير ، ولم يلبث معى إلا وقتا قليلا ، استأذن بعده وانصرف كنسمة صيف أو كطيف جميل .
بعض من كلمات أئمة ومشايخ قوص :
كان رحمه الله محبا لإخوانه وزملائه وتلاميذه من مشايخ الدعوة ، ينصحهم و يحنو عليهم ، يداعبهم ويلاطفهم ولا يبخل عليهم بعلمه ، حيث يقول عنه فضيلة الشيخ سالم محمد أمين – إمام وخطيب المسجد العمرى بقوص :
" كان رحمه الله واسع العلم ؛ حيث كنا ندعوه للاحتفال بالمولد النبوى الشريف بمسجد الجهلان بالمخزن منذ عام 1995 ، وكان يأتى فى كل عام ، ورغم ذلك فلقد كانت خطبته فى كل عام تختلف عما قبلها ، وهذا دليل على سعة العلم وتنوعه ، كما كان حلو الروح خفيف الظل مع كل الناس على اختلاف شخصياتهم ، محبا للجميع .. ينأى عن ذكر الناس بسوء .. يبتعد عن مجالس النميمة ، متواضعا لأبعد حد ، كما كان – رحمه الله – لا يتسرع فى الحكم على أحد . "
أما الشيخ شعبان يونس- من مشايخ قوص – فيحكى عنه موقفا طريفا ، فيقول : " كنا فى شهر رمضان فى حفل إفطار جماعى وكان الشيخ ثابت حاضرا، وكان من عادتى أن أتناول قدرا يسيرا كى أستطيع أن أؤدى صلاة التراويح خفيفا ، فداعبنى الشيخ قائلا :يا شيخ شعبان ، كل ماشئت فإن صلاة التراويح تهضم أشد من ذلك ( يقصد شيئا آخر ) .
هذا هو فضيلة الشيخ ثابت سعيد - رحمه الله – لقد كان مثالا للعلم والتواضع ، وكان إماما لسماحة الدين الحنيف .
.... ندعوا الله العلى القدير أن يغفر له ويرحمه وأن يوسع مدخله ، وألا يحرمنا أجره وألا يفتنا بعده
........ ولا نملك إلا أن نقول : "إنا لله وإنا إليه راجعون"