تسببت فتوى دار الإفتاء التى أطلقها الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية بخصوص إطلاق اللحية وقولها إنه أمر خلافي اختلف فيه العلماء، ويجب على الضباط وأفراد الداخلية الالتزام بالتعليمات والقواعد المنظمة للعمل والعرف العام السائد داخل مؤسسات، في إثارة الجدل بين علماء الدين وأساتذة الازهر الشريف .
حيث أكد الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف أن أقل ما قيل في اللحية أنها سنة، ورأى بعض الفقهاء أنها تصل لدرجة الوجوب والاختلاف كان حول الأخذ من اللحية طولاً وعرضاً، مشيرا إلى أن السنة هي من يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها .
وأضاف الأطرش أن الرسول الكريم قال في الحديث الصحيح إن من سنن الفطرة عشر من بينها إعفاء اللحية، واصفاً رغبة أبناء الشرطة والقوات المسلحة بالامتثال لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بإطلاق اللحى بالأمر الحسن، وينبغي على القيادات - إن كانت تخشى الله - أن تساعدهم على هذا العمل.
وطالب الأطرش القيادات بعدم الوقوف ضدهم لأن اللحية لا تمنع الإنسان من القيام بواجبه، لافتا إلى أن من يفرق بين الرجل والمرأة هو اللحية والمرأة التي يوجد لديها لحية عليها ان تحلقها، أما حلق اللحية بالنسبة للرجل فلا يجوز لأن من السنة إعفاءها.
وتابع الأطرش حديثه قائلا: "إذا نظرنا إلى أبناء القوات المسلحة في أي دولة من الدول العربية نجد أنهم أعفوا لحيتهم وهذا لم يمنعهم من أداء واجبهم، وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحوا البلاد طولا وعرضا وكانت لحاهم نورا على صدورهم".
ومن جانبه قال الدكتور عبد الفتاح إدريس رئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر إن إعفاء اللحية أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم لقوله "أَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَأَعْفُوا اللِّحَى"، ومعني إحفاء الشوارب قص الشوارب بحيث لا يبقى جزء منها فوق الشفاء العليا، وأما إعفاء اللحى هو تركها بدون حلق وهذا الأمر الذي أمر به الرسول الكريم.
وأوضح إدريس أن فقهاء الحنفية يرون أن أمر رسول الله صلى الله عليه سلم في الحديث يصل لدرجة الوجوب، والوجوب عند الحنفية بخلاف الفرض ومعني هذا ان الحنفية يرون أن إعفاء اللحية واجب، وجمهور الفقهاء أهل السنة يرون أن إعفاء اللحية سنة مؤكدة وإذا كانت سنة مؤكدة فهي ليست من قبيل العادة، مشيراً إلى أن هناك فرقا كبيرا بين العادة والعبادة .
وأوضح إدريس أن اللحية ليست عادة وإنما هي عبادة لأنها امتثال لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن شأنها أنها سنة مؤكدة كما قال جمهور الفقهاء ويثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، والعادات لا يثاب الإنسان على فعلها، مشيرا إلى أن الإثابة على الأفعال تكون في العبادات وليس العادات، ولهذا فإن القول إن إعفاء اللحية عادة كلام غير صحيح وهي عبادة لأن من يعفي لحيته يثاب عليها .
وشدد إدريس على أن ليس في إعفاء اللحية أي مخالفة للأنظمة أو قوانين العمل كما يشاع، فإعفاء اللحية لا يخالف نظاما لأن الشأن في النظام أنه إسلامي، والإعفاء يوجد في جميع الأنظمة الشرطية والعسكرية في كل دول العالم تقريبا ولم يقل أحد أن إعفاء اللحى في الهند وباكستان وافغانستان والإمارات والسعودية والأردن وعمان والعراق أو نحو ذلك فيه مخالفة للأنظمة المعمول بها في هذه الدول أو أنه عائق لهم عن أداء عملهم .
وختم إدريس حديثه بالقول إن من يقول إن إطلاق اللحى فيه مخالفة للأنظمة عار من الصحة وليس له أي أساس من الشرع .
وعلى الجانب الآخر يقول الشيخ عبد الناصر بليح مفتش أول بأوقاف كفر الشيخ "اللحية مسألة خلافية فيها أقوال كثيرة، وهذا الموضوع ليس هذا وقته نهائيا، مضيفا أنه ليس هناك مجال لأن ننشغل بمسائل خلافية ونترك الأصل وهو الأمن والأمان، مشيرا إلى ان الأمن مقدم علي الرزق، متسائلا كيف نتحدث في مسألة خلافية ونترك الأصل؟".
وأشار بليح إلى أن هناك قاعدة فقهية تقول "المعروف عرفا كالمشروط شرطا"، بمعني أنني إن لم أجد هناك قانونا يبيح ذلك وسوف يحدث تضارب شديد فهنا درء المفسدة مقدم علي جلب المصلحة خاصة أن المسألة خلافية وليست يقينية.