أايها العاصي النادم ... اقبل
من منا لا يعصي في زمن الشهوات والعورات به استعرت و تكاشفت والحرام طاح في كل مكان براسه مستمسكا وطريقه بات ممهدا والحلال وضعت في وجهه العراقيل وغلق فمه فلا احد يحس بهمسه
ولأن أنين العصاه المذنبين رفض ما يحدث وما يكون برغم تقصيرهم في حق ربهم قد طافوا وهاموا الى ربهم وبات الندم وحانت لحظة ما اجملها من لحظة وهي لحظة الاقبال
على ربهم
ايها العاصي الذي عرف جرمه في حق ربه أما آن أن تلحق بركاب الاقبال على الله
فيا من أطلق لنفسه العنان ، ولم يرعَ لله - تبارك وتعالى - حقاً : إلى متى وأنت تقتات المعصية وتألفها ؟!!
ألم يحن بعدُ وقت الرجوع إلى الله تبارك وتعالى ؟!
أما آن لك أنْ تنطرح بين يدي مولاك ؟!
أما آن لك أن تفيق من سكرة الذنب ؟!
أيها السائر في طريق الهوى واللذة العابرة : رويداً رويداً . أتعرف الذي تعصيه ؟!!
أتعرف من تبارز بذنبك ؟!
إنه الله الجبار الذي بيده ملكوت السماوات والأرض !!
أيها المسرف على نفسه : كفاك كفاك ... آن لك أن تضع عصا الترحال , وأن تذرف الدموع الغزار ، دموع الندم على ما فات وسلف من الأزمان الماضية ... على ما سلف من ذنوبك وخطاياك ...
نعم ، آن لك أن تعترف بذنبك لربك وتقول بلسان النادم الأوّاب :
دعـنـي أنـوح عـلى نـفسي وأندبها :.: :.: وأقـطع الـدهر بالتـذكـار والحـزنِ
دعني أسـحُّ دمـوعاً لا انقـطاع لهـا :.: :.: فـهـل عسى عـبرةٌ مـنها تخـلصني
دع عنك عذلي يا من كنتَ تعــذِلني :.: :.: لـو كنت تعلم ما بـي كنت تعذرنـي
أنـا الـذي أغلق الأبــواب مجتهداً :.: :.: على المـعاصي وعـــين الله تنـظرني
يـا زلـةً كُتِـبـت في غفـلة ذهبت :.: :.: يـا حسرة بقيت في القلب تحــرقـني
تمـرُّ سـاعـات أيـامـي بلا نـدم :.: :.: ولا بكـاء ولا خــــوف ولا حـزن
ما أحلـم الله عـني حـين أمـهـلني :.: :.: وقـد تمـاديتُ فـي ذنـب ويـسترنـي
نعم ... ما أحلم الله عنا !!
كم عصيناه ويسترنا ؟!! كم خالفنا أمره فما عاجلنا بعذابه ؟!! أظهر للناس الجميل ، وأخفى عنهم القبيح من سرائرنا . فاللهم رحمة من عندك تكفر بها ما سلف من ذنوبنا وخطايانا.
ها قد حان وصول قطار السائرين الى ربهم . وبعد لحظات يطلق صوت الرحيل وينادي ويقول ايها المقبلون على ربهم هيا اركبو معنا... هيا نعيد للقلوب ضحكتها وللروح بهجتها
إي والله ما الدنيا من الاخرة الا لحظات قليلة .
وعند ركوب القطار يبدأ الاحتفال وما اروعه من رجوع .. رجوعك الى مولاك رب البريه سبحانه وتعالى اتدرون ما يكون ثمار الرجوع اقرأ بعين قلبك هذا الحديث عن نبينا محمد صلي الله عليه وسلم
جاء في صحيح البخاري ومسلم من حديث أنس - رضي الله عنه - يقول النبي - صلى الله عليه وسلم – : " لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه " فلتت منه ناقته وندت عنه فذهب يبحث عنها، صعد الجبال نزل الوديان ، يبحث يميناً وشمالاً فلم ير لها أثرا ، وعلى هذه الدابة طعامه وشرابه وكساؤه !! أين هو ؟! في صحراء ما بها أحد ينقذه ولا بشر يساعده !! " فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته فبينا هو كذلك " ينتظر ماذا ؟ إنه ينتظر الموت !! إذ به يرفع رأسه " إذا هو بها قائمة عنده " وعليها طعامه وشرابه وكساؤه !! تخيلوا معي - إخوتي وأخواتي - : أيّ فرحة ستتملّك قلب ذلك العبد حينا يكون حاله كهذه الحال ؟!! إنها فرحة عظيمة ... إنها حياة جديدة ..." فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح : اللهم أنت عبدي وأنا ربك !! أخطأ من شدة الفرح !! "
إن الفرح قد تملك قلبه ، وأطاش لبَّه حتى نسي وغلط فقلب ، وقال : أنت عبدي وأنا ربك !! إن هذه الفرحة الكبرى في قلب ذلك العبد الناجي من الهلاك لا تساوي شيئاً أما فرحة الله جل في علاه بتوبة عبده إذا جاءه تائباً نادماً !!
الله أكبر !! إنه كرم الله وجوده ، وعطفه وامتنانه . فلا عذر - بعد ذلك - لأحد أن يبتعد أو أن يتردد عن القرب من الكريم الجواد جلّ في علاه .
كيف والله يقول كما جاء في الحديث القدسي الثابت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - يقول الله الكريم الغني عن عباده : " من تقرب مني شبراً تقربت منه ذراعاً ، ومن تقرب مني ذراعاً تقربت منه باعاً ، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة !! " القائل هو الله !! أتخيّلت ذلك ؟!! وعند البخاري " وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبّه !! فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنّه . وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته !! "
بعد ان شرب القلب من عظات ثمينة فيا ايها العاصون النادمون اقبلوا وليكن
هناك عدداً من العوامل التي تعيننا وتساعدنا على أن ننهض إلى ركب التائبين فنكون منهم ومن ذلك :
أولاً : استشعار مراقبة الله لعبده
ثانيا : تذكر عظمة الله وسطوته وانتقامه
ثالثا : التأمل في نتائج المعصية وعقوبتها
رابعا : الجلوس إلى التائبين وقراءة سيرهم وقصصهم
فيا أيها المذنب وكلّنا كذلك هذا هو الباب مفتوح بين يديك فعجل بالولوج ، وانطرح بين ربك ...
انطرح عند عتبة باب مولاك ...
مرِّغ جبهتك تذللاً لسيدك ...
فرَّ منه إليه ، فما من عاصم من الله إلا إليه ... وقل بلسان العبد المعترف الأوّاب :
أيا من ليس لي منه مجيرُ :.: :.: بعفوك من عذابك أستجيرُ
أنا العـبد المُقِرّ بكل ذنب :.: :.: وأنت السيد المولى الغفورُ
فإن عذبتني فبسوء فعلي :.: :.: وإن تغـفر فأنت به جدير
أفِرُّ إليك منـك وأين إلاّ :.: :.: يفـر إليك منك المستجيرُ
لم يبق - والله يا عباد الله - من حلاوة العيش - كما قال بعض السلف - إلا أن نمرِّغ وجوهنا في التراب ساجدين له سبحانه ...
وإن ضاقت علينا الأرض بما رحبت واستَوحشتَ من ذنوبك ، وغُلِّقت دونك الأبواب فاعلم أن باب الله مفتوح لا يغلق . وارفع شكواك إليه لا إلى سواه ، وقم في ظلمات الليل ، وبث همومك وأحزانك إلى ربك ؛ فإنه العليم بالسرائر وما تكنه الضمائر ...
طرقت باب الرجا والناس قد رقدوا :.: :.: وبِتُّ أشكو إلى مـولاي مـا أجـدُ
فقلت يا أملي في كلّ نائلــــة :.: :.: ومَنْ عليه لِكشـفِ الضـرِّ أعتمدُ
أشكــو إليك أمـوراً أنت تعلمها :.: :.: ما لي على حمـلها صـبرٌ ولا جـلدُ
وقد مددتُ يدي بالذلّ معـتـرفـاً :.: :.: إليك يا خيـر من مُدَّت إليـه يــدُ
اللهم يا سامع الدعوات ، ويا مقيل العثرات ، ويا غافر الزلات : اجعلنا من عبادك التائبين ، واغفر لنا ذنوبنا أجمعين ...
اللهم إنّا نشكو إليك ضعف إيماننا ، وقلة صبرنا ، وجرأتنا على معصيتك !! فاللهم إنا نضرع إليك ، ونبتهل إليك أن تلطف بنا ، وأن لا تعاجلنا بعذابك ...
اللهم لا تفضحنا يوم العرض الأكبر عليك . وكما سترت ذنوبنا عن الناس فاغفرها لنا يوم لقياك ...
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،