التطبيق أول يوليو
"الضريبة العقارية".. هل ينضم إلي قوانين الجباية؟
د. كبيش: قانون ظالم لأن الإعفاء يجب أن يشمل السكن الخاص مهما كانت قيمته
طلعت مصطفي
بعد خمس سنوات من التأجيل.. يبدأ أول يوليو القادم تطبيق قانون الضرائب العقارية رغم الأصوات المعارضة التي تعتبره عودة إلي قوانين الجباية خاصة بعد أن ألغت التعديلات الأخيرة الاعفاء الذي كان مقررا لملاك وشاغلي العقارات عن وحدة سكنية واحدة كان قيمتها لتكون الضريبة حاليا علي الوحدة التي تتجاوز قيمتها الايجارية 24 ألف جنيه سنويا.. خبراء القانون والاقتصاد رفض أغلبهم تطبيق هذا القانون لأنه يظلم محدودي ومتوسطي الدخل ويفتح الباب للفساد الاداري وبعض نصوصه يشوبه عدم الدستورية كما ان حصر العقارات بدائي وتقدير قيمة الوحدة جزافي.
وفي المقابل.. يري فريق آخر أهمية القانون خاصة مع تحويل جزء كبير من الحصيلة لتطوير العشوائيات ولكنهم وضعوا عدة شروط لتطبيقه.
د.محمود كبيش عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة يقول: قانون الضرائب العقارية المزمع تطبيقه أول يوليو القادم يعد عودة لقوانين الجباية وينذر بحدوث انفجار اجتماعي.. فلا يجوز اطلاقا فرض الضريبة علي الأصول وليس علي ايرادها ودخلها.. كما ان الاعفاء الوارد في المادة 18 من القانون رقم 103 لسنة 2012 يعفي وحدة واحدة لكل مالك عقار تستعمل في غرض السكن والتي تقل قيمتها الايجارية عن 24 ألف جنيه سنويا وهذا ظلم وعبث فالمفترض ان يعفي تماما السكن الخاص من الضريبة مهما كانت قيمتها مثلا لور ورث شخص وحدة عقارية أو قام ببناء بيت لأسرته واضعا فيه "تحويشة عمره" في وقت مضي حيث كانت الاسعار فيه منخفضة ثم فوجيء هذا الشخص بارتفاع قيمتها السوقية بسبب تدهور سعر الجنيه والتغيرات الاقتصادية الراهنة وانه يخضع للضريبة العقارية وفرضت عليه ضريبة كبيرة يعجز عن سدادها وفقا لدخله.
والخلل هنا يكمن في فرض الضريبة علي رأس المال وليس علي الدخل أو الايراد.. وهذا بالطبع سينجم عنه مشاكل اجتماعية خصوصا لمن وضع كل مدخراته في عقار وارتفعت قيمته بما يخضعه للمحاسبة الضريبية.
ويؤكد د.كبيش ان الاعفاء للوحدة المسكونة لمالكها يشترط ان تقل قيمتها الايجارية عن 2000 جنيه شهريا هي قيمة أصبحت حاليا لا تصلح لايجار شقة في حي شعبي في ظل هوجة ارتفاع الاسعار حاليا وبالتالي ستخضع أغلب الوحدات العقارية للضريبة وحذر ان تطبيق القانون بشكله الحالي سيفتح الباب علي مصراعيه أمام الفساد الاداري والمجاملات في تقييم العقارات وتحديد قيمتها الايجارية.
ويقول د.حازم الببلاوي وزير المالية الاسبق ان ضريبة العقارات توجد في كل دول العالم ولا توجد دولة تقرر اعفاء العقارات من الضريبة الحصيلة يعود جزء منها إلي المحليات وجزء إلي صندوق العشوائيات.. المهم في تقدير قيمة الضريبة العقارية ان تكون معقولة غير مبالغ فيها وتراعي اعفاء محدودي الدخل ولا تؤثر علي الاستثمارات بأي شكل.
أين معايير التقييم الدولية؟
يري د.سمير سعد استاذ الضرائب في الجامعة الأمريكية ان تطبيق قانون الضرائب العقارية بعد تعديله يتطلب اجراء حصر شامل لكافة العقارات المبنية في مصر وهي لا تقل عن 30 مليون عقار.. والحصر الذي تقوم به مصلحة الضرائب العقارية حصر بدائي حيث لا تتوافر الامكانات البشرية أو الالكترونية لهذا الحصر ومضت خمس سنوات منذ صدور القانون ولم ينته الحق ويختلف ذلك مع ما يحدث في 25 دولة متقدمة تتبع نظام المعلومات الجغرافية "G.I.S" أو "G.B.S" في حصر العقارات حيث يتم تحديد موقع العقار ومساحته واسم مالكه وحالته من التشطيب والغرض المستخدم فيه في وقت قياسي.
فالقانون لم يحدد أي ضوابط أو معايير لتحديد قيمة العقارات ويتم تحديد قيمة العقار بما يعادل 60% من قيمته السوقية حيث يتم تحديد قيمة الايرادات المتوقعة للعقار بنسبة 3% من قيمته ويخضع العقار الذي تتجاوز قيمة 2 مليون جنيه للضريبة العقارية ويتم احتساب الضريبة بنسبة 10% من قيمة الايراد بعد خضم نسبة 30% مقابل مصروفات الصيانة.
ويتوقع سعد ان يؤدي التقدير الجزافي لقيمة العقارات إلي مبالغة مأموري الضرائب في اسعار العقارات وصعود اسعار العقارات بسبب العامل النفسي في المرحلة المقبلة والحل الأمثل في تقييم العقارات ان يتم اتباع معايير التقييم الدولية وهي معترف بها في جميع انحاء العالم ولا تسمح بالتقدير الجزافي بالتوفيق مع المعايير المحلية التي تضع أسساً لتحديد قيمة العقار طبقا للمنطقة والمساحة ومستوي التشطيب وتطبيق الربط الشبكي للحصول علي معلومات العقار مع ضرورة تدريب مأموري الضرائب علي هذه المعايير بأسرع ما يمكن حتي يتم حصر ومحاسبة ممولي الضرائب قبل 30 يونيو المقبل.
ضرائب المنتجعات
يري المستشار زكريا عبدالعزيز رئيس نادي القضاة السابق: أبرز مساويء قانون الضرائب العقارية تكمن في التقدير الجزافي لقيمة العقارات حيث لا توجد قواعد أو ضوابط أو معايير محددة للتقييم لكن القانون رسم طريقاً للطعن خلال 60 يوما أمام لجان الطعن للتظلم من أي تقييم مبالغ فيه من قبل لجان التقدير.
ويطالب المستشار زكريا بضرورة خضوع الفيللات والمنتجعات والشقق الراقية والقصور إلي الضريبة العقارية وان توجه الحصيلة إلي تنمية العشوائيات والنهوض بسكانها وهذا ما يحقق العدالة الاجتماعية.
تفرقة بين المواطنين!
ويشير المستشار محمد عزمي البكري إلي أن بعض نصوص قانون الضرائب العقارية يشوبها عدم الدستورية وتخالف قواعد العدالة فالمادة الرابعة نصت علي اعفاء المكلف من اداء الضريبة إذا توافر شرطان الأول ألا يكون قد سبق تكليفه في دفاتر الضرائب العقارية وبمفهوم المخالفة فإن من سبق تسجيله لن يتم اعفاؤه والشرط الثاني أن يكون قدم الاقرار خلال سنة من تاريخ العمل بالقانون وبالتالي لن يتم اعفاء من لم يقدم الاقرار وهذه المادة تخالف المادة رقم 38 من الدستور التي كانت سارية وقت العمل بالقانون والمعطلة الآن والتي تنص علي العدالة الاجتماعية كما تخالف المادةرقم 40 من الدستور والتي تنص علي أن المواطنين لدي القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات والمادة الرابعة جعلت المكلف بأداء الضريبة عن الفترة السابقة عن تاريخ العمل بالقانون والذي خالف القانون في مركز أفضل من المكلف الذي طبق القانون جزئيا وسجل بدفاتر مصلحة الضرائب بأن منحت الأول اعفاء ضريبيا دون الثاني.
والقانون ينطوي علي تفرقة بين المواطنين واخلال بالمساواة بينهم وهذه التفرقة يشوبها عدم الدستورية وفقا لما نصت عليه المادة السابعة من الاعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30 مارس عام 2011 الذي صدر القانون في ظله والتي نصت علي ان المواطنين أمام القانون سواء وهو ما نصت عليه ايضا المادة الثالثة من الدستور الجديد.