مقال كتبه الكاتب انيس منصور
جوعوا تصحوا: حقيقة علمية
عندما كنت في لندن عرضت نفسي أو على الأصح عرضت جسمي على د.إيفري جونز أو لكي أكون دقيقاً طلبت إليه أن يكتشف أسباب وجع مصاريني ومعدتي وضحك الطبيب وقال: دون أن أكشف عليك أعرف كل أوجاع العرب عموماً والمصريين خصوصاً إننا نشكو من وجع واحد هو المصران الغليظ. لماذا؟
يقول لي د. جونز، ولا بد أنه قال ذلك لألوف المصريين: أنتم تأكلون بغير نظام وبغير حساب.
وكنت في حاجة إلى مزيد من التوضيح فقال: لا أحد يتناول طعامه في ساعة محددة، ولا بكميات محددة، ولا أحد يتناول طعامه عندما يشعر بالجوع، ولا تعرفون الراحة المنظمة كل أسبوع ولا الراحة بعد الأكل..
وقال أيضاً: إنه جاء إلى مصر وتناول طعام الإفطار والغداء والعشاء في بيوت نوعيات مختلفة من الناس. بل إن الذي أدهشه أن يكون أطباء مصر أقل الناس اهتماماً ومراعاة لقواعد الصحة.. ويصف ليلة عشاء في بيت طبيب كبير معروف، قال: إن الطعام بدأ منذ اللحظة التي وصل فيها.. أي منذ التاسعة مساء حتى الواحدة صباحاً.. فقد أتوا بالفول السوداني والترمس والعيش الجاف والجبنة والمش ومعها المشروبات ثم بعد ذلك أتوا بأنواع من الفطائر الصغيرة.. وكان الأطباء أسبق الناس إلى الطعام.. فقد مدوا أيديهم إلى كل شيء. وبعد ثلاث ساعات جاءت سيدة البيت تدعو إلى العشاء.. وكانت كميات الطعام تكفي عشرة أمثال الحاضرين!!
وبعد ذلك جلسوا أو تساقطوا على المقاعد.. وكانوا في حاجة إلى منبهات.. فمرت عليهم فناجين القهوة السادة في الساعة الواحدة صباحاً بينما استأنف الآخرون شرب المشروبات الأخرى.. وامتدت أيديهم إلى الشيكولاته بالنعناع وإلى التدخين دائماً.. ونهضوا ليعود كل منهم إلى بيته، ويلقي نفسه على الفراش لعله ينام.. منتهى الفوضى والإرهاق لكل وظائف الجسم وللمعدة والأمعاء والقلب ويتكرر ذلك كثيراً كل أسبوع!!
أسوأ من ذلك ما يفعله أبناء الطبقة المتوسطة الذين يلتهمون الأكل دون مضغ وبكميات كبيرة ودون تذوق لشيء وبعد ذلك ينامون..
أما الأكل الصحيح المفيد فهو الذي يتناوله هؤلاء الناس جميعاً إذا مرضوا.. فقط يأكلون القليل بنظام. وعلى ذلك فليس للعرب وللمصريين خصوصاً من علاج لأوجاع المعدة والأمعاء إلا أن يمرضوا.. أي إلا أن يجوعوا.. فجوعوا تصحوا.. حديث نبوي يؤكد صحته طبيب عالمي!