لعائدون من رحلة الموت يتحدثون لـ "المساء": ضربونا بالأسلحة البيضاء والصواعق الكهربائية ألقوا بزملائنا من المدرجات.. والأمن اكتفي بالمشاهدة! موقف مشرف للاعبي المصري وحسام حسن ألتراس الزمالك والإسماعيلي والاتحاد تضامنوا مع الأهلي
هشام إبراهيم
الجمعة 3 فبراير 2012
روي العائدون من رحلة الموت تفاصيل الجحيم الذي عاشوه بعد الأحداث العصيبة التي شهدها ستاد بورسعيد عقب انتهاء مباراة فريقي الأهلي والمصري والتي أدت إلي استشهاد 74 من الألتراس الأهلاوي وإصابة 256 آخرين.
رفض المصابون العودة إلي ديارهم وتوجهوا بمجرد العودة إلي مشرحة زينهم لإلقاء نظرة الوداع علي زملائهم الذين سقطوا ضحايا مخطط شيطاني مدبر عجز العقل عن تصديقه وملأ القلوب حسرة وألماً لتذرف العيون دما بدلا من الدموع.
انتقلت "المساء" إلي مشرحة زينهم والتقت مع المصابين من أعضاء الالتراس الأهلاوي العائدين إلي الحياة ليتحدثوا عن تفاصيل الجحيم الذي عاشوه.
يقول محمد سعد "20 سنة" طالب بأكاديمية المقطم اننا كنا متواجدين بمدرج الثالثة شمال وقبل بدأ المباراة نزلت جماهير المصري إلي الملعب 5 مرات.. وقام الأمن بإعادتهم إلي المدرج وبين الشوطين قذفونا بالحجارة وأطلقوا علينا الشماريخ وعقب انتهاء المباراة هجمت جماهير المصري علينا مستخدمين الأسلحة البيضاء فأسرعنا بالهرب اتجاه الباب.. إلا اننا فوجئنا به مغلق مما أدي إلي تكدسنا فوق بعض واختناقنا وظهور حالات الوفاة.
لم يكتف المعتدون الخالية قلوبهم من الرحمة بذلك والذين لهم أغنية يا من جي بورسعيد اكتب لأمك وصية.. فقاموا بإلقاء جماهير الالتراس الأهلاوي من أعلي المدرج إلي الشارع.
وبعد نصف ساعة من الذعر والرعب وكأننا في تل أبيب وليس في بلدنا مصر تمكنا من دخول غرفة اللاعبين ومنها إلي ممر ضيق التصقت فيه أجسامنا ببعض لأن عددنا تجاوز الألف.
خرجنا إلي أرض الملعب تمهيدا لنقلنا داخل سيارات الترحيلات وسط حراسة الأمن المركزي إلي محطة السكة الحديد وظل المعتدون يطاردوننا ويتربصون بنا ويلقون علينا الحجارة حتي أثناء تواجدنا داخل القطار.
يضيف محمد جبريل "19 سنة" طالب بمعهد الصحافة وعبدالرحمن محمد "16 سنة" طالب ان سائقي الأتوبيسات في القاهرة رفضوا الذهاب بنا إلي بورسعيد خوفا علي سياراتهم فتوجهنا إلي محطة السكة الحديد واستقبلنا القطار وقام الأمن بإنزالنا قبل ان نصل إلي بورسعيد بعدة كيلو مترات حرصا علي سلامتنا لتوافر معلومات تؤكد وجود مؤامرة للاعتداء علينا عندما نصل بالقطار وقام الأمن بتغيير خط سيرنا واستقبلنا أتوبيسات ظلت تسير بنا في شوارع بورسعيد حتي موعد المباراة تحسبا لعدم اصطدام جماهير المصري بنا ولكن المخطط الإجرامي الذي يدفعه الحقد الأعمي استمر.
وبعد انتهاء المباراة فوجئنا بالاعتداء الوحشي علينا بالأسلحة البيضاء والصواعق الكهربائية ويطلبون منا خلع تي شيرت الالتراس الأهلاوي والاستيلاء علي الموبايلات ومن يرفض يقومون بإلقائه من أعلي المدرج إلي الشارع وكأننا لسنا مصريين وفي ساحة قتال وليس داخل مدرج ستاد رياضي من أجل مشاهدة مباراة كرة قدم لتشجيع فريق النادي الأهلي.. ويختتمان حديثهما بتوجيه الشكر إلي بعض أعضاء الجهاز الفني واللاعبين بالنادي المصري خاصة حسام حسن وأيمن سعيد وكريم ذكري وأنور شلوفة وطارق سليمان علي موقفهم معهم ومساندتهم وتقديم كل سبل المساعدة حتي رحيلهم من بورسعيد.
يكشفان انه قبل المباراة المشئومة بيوم واحد فقط تم عقد هدنة بين التراس الأهلي والتراس الزمالك وان التراس الزمالك المعروف "بوايت نايتس" والتراس الإسماعيلي المعروف بـ "بيلو دراجونز" أعلنا تضامنهما مع التراس الأهلي وطبقا للأعراف الخاصة بالالتراس قاما بإشعال النيران في البانرات الخاصة بهما اعتراضا علي الأحداث كما انسحب أيضا التراس الاتحاد المعروف "بجرين ماجيك" من مباراة الاتحاد والجونة.
يؤكد بلال محمود "20 سنة" طالب بكلية الإعلام بوجود تقصير أمني أدي إلي هذه المأساة لأنهم انسحبوا من المكان الذي يفصل بين جماهير الأهلي وجماهير المصري وسمحوا لهم بالاعتداء علينا حتي انهم تركوا مكان حراسة الباب المخصص لدخولنا وخروجنا في الاستاد وتقاعسوا عن أداء واجبهم واكتفوا بالمشاهدة مما أسفر عن سقوط الضحايا.
يقول محمد رشاد "44 سنة" موظف أمن بشركة خاصة وهو يبكي انه ليس من الالتراس ولكنه حزين علي مصر وحضر إلي المشرحة تعاطفا مع الشهداء.
تساءل عن الحل وعن حق الشهداء ويؤكد ان من ارتكب تلك الجريمة المشينة لا تجري في عروقه الدماء المصرية بل يجري في عروقه الحقد والكراهية ولا ينتمي إلي مصر بأي حال من الأحوال.