قال رسول الله صلي الله عليه وسلم إن الله يبعث علي رأس كل مائة عام من يجدد للأمة أمر دينها ولقد من الله تعالي علي عباده بأن جعل العلماء ورثة الأنبياء.
<="" div="" border="0">
وقال الله تعالي في حق العلماء تقديرا وتكريما لهم إنما يخشي الله من عباده العلماء, والشيخ محمد متولي الشعراوي أو كما أطلق عليه امام الدعاة الذي تمر ذكري رحيله الرابعة عشرة هذه الأيام واحد من هؤلاء العلماء الذين ملأوا الدنيا علما ونورا وعطاء, حيث تواضع للناس رحمه الله ودنا منهم فأحبوه, اتخذه الناس إمامهم والعلماء أستاذهم, وظل كذلك حتي انتقل الي رحمة الله في السابع عشر من يونيو عام 1998 ليلقي ربه راضيا مرضيا جزاء ما قدم للأمة الإسلامية وما ترك من علم ينتفع به جميع المسلمين في كل مكان.
نموذج مثالي للدعاة.
يقول الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق عضو مجمع البحوث الإسلامية إن الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله- من العلماء الذين تصدق عليهم مقولة من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم وفي هذا إشارة الي ان المسلم اذا أراد فلاحا وصلاحا في الدنيا والآخرة فعليه ان يكون صادقا في كل أقواله وأفعاله, قال تعالي يا أيها الذين اتقوا الله وكونوا مع الصادقين, مما يوجب علينا ان نتخذ هؤلاء العلماء قدوة لنا حتي ننجو من تلك الفتن التي ملأت الأرض جورا وظلما.
وأضاف: لقد ضرب الشيخ الشعراوي رحمه الله مثلا ونموذجا رائعا يجب ان يتأسي به الدعاة والعلماء من بعده, حيث اهتم بأمر المسلمين إعمالا بقول النبي صلي الله عليه وسلم من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ولم يكن بمعزل عن الناس في اقواله وأفعاله, بل شاركهم أفراحهم وأحزانهم, كما سجلت خواطره حول تفسيره لكتاب الله تعالي منهجا وطريقا لمعالجة كثير من المشكلات الحياتية, فمثلا حين تعرض حديثه لثورات الشعوب أكد أحقية الشعوب في القيام بالثورة ضد الظلم والفساد,موضحا في الوقت نفسه طريق الخروج من الأزمة في فترة ما بعد الثورة وفي هذا قال رحمه الله الثائر الحق هو الذي يثور ليهدم الفساد ثم يهدأ ليبني الأمجاد ألا ترون ان هذه المقولة التي لم يسمع عنها كثير من الناس الا بعد قيام ثورة25 يناير قاعدة لو التزمنا بها لوفرت علينا كثيرا من الوقت والأموال والجهد.
وأوضح: أن الشيخ الشعراوي رحمه الله ـ هو بحق إمام الدعاة, فقد كان من الأئمة القلائل الذين يظهرون في سماء التاريخ علي فترات متباعدة وشاء الله تعالي له في هذه الفترة التي عاشها أن يؤثر تأثيرا بليغا في الحياة الإسلامية بسبب ما وهبه الله من منحة ربانية لأنه أحب كتاب الله تعالي فأفضي إليه بأسراره وأحب رسول الله صلي الله عليه وسلم فأفاض عليه من أنواره وهذا واضح من تفسيره وتحليله واستخراج الكنوز التي لم يقترب منها أحد قبله.
من جانبه أشار الدكتور عبد الغفار هلال العميد الأسبق لكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر الي أن الشيخ الشعراوي كان مجددا حيث نهض بقلبه للوصول برأيه وفكره المعطاء وتحليل كل كلمة وحرف والوقوف وراء كل آية والغوص في بحار المعرفة لاستخراج الدرر الكامنة في كل لفظ من كتاب الله تعالي.
أما الدكتور علوي خليل ـ أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر ـ فيؤكد أن الشيخ الشعراوي رحمه الله كان واحدا من الذين لهم قدم صدق عند ربهم فلقد عرفه العالم كله علما من أعلام الفكر الإسلامي المعاصر وقطبا من أقطاب المفسرين العظام لكتاب الله تعالي علي هدي وبصيرة بأسلوب فريد يأخذ الألباب ويأسر القلوب والعقول.
وأضاف: لم يكن الشيخ الشعراوي مجرد عالم دين يفتي ويفسر القرآن فقط وإنما كان يمثل ظاهرة فريدة في مجال الدعوة الإسلامية يندر أن يجود الزمان بمثلها, فلقد ظل يجاهد بفكره وعلمه وقلمه حتي آخر رمق في حياته, ولم يمنعه المرض من الاستمرار في أداء رسالته الدينية التنويرية التي نذر لها كل حياته وكيانه, وإذا كان الشيخ قد رحل عن دنيانا ليلقي ربه الذي طالما تشوق للقائه واستعد له فإن عزاءنا فيه ما تركه لنا من علم غزير تنتفع به الأجيال المتعاقبة.