فى ظل أحداث دامية، أعلن مجلس الوزراء الأربعاء الماضى عن إقراره لتأجيل قانون الضريبة العقارية رقم 196 لسنة 2009، لمدة 6 أشهر على أن يبدأ تطبيقه أول يوليو المقبل، مع إجراء بعض التعديلات عليه، وهو التوقيت الذى رأى فيه الخبراء أنه جاء لمجرد مواءمة سياسية وتهدئة الرأى العام فقط، ولا تأثير لهذا التأجيل، حيث تسرى الضريبة من بداية السنة المالية.
وقال محمود جاب الله الخبير الضريبى، إن تأجيل القانون لمدة أشهر لن يكون له أى أثر من الناحية الضريبية، حيث ستسرى الضريبة بداية من أول يناير، وهى مجرد وسيلة لامتصاص غضب الشارع، بعد حملة التشويه التى تعرض لها القانون.
وبرر جاب الله هذا الإجراء، بتخوف الحكومة من بدء تطبيق القانون فى موعده يناير المقبل، خاصة بعد معارضة الشارع لعدد من الإجراءات التى اتخذتها مؤخرا، وعلى رأسها زيادة أسعار الكهرباء للمنازل، وارتفاع أسعار بنزين 95، والمخاوف أيضا من رفع أسعار بنزين 92، مؤكدا أن هذا القانون لن يمس الطبقات الفقيرة والمتوسطة، وإنما سيحقق العدالة الاجتماعية من خلال تحصيل الضرائب من الطبقات الغنية.
وأضاف جاب الله أن الحكومة غير مستعدة من الناحية السياسية لتطبيق القانون، فى الوقت الذى لم يصدر مرسوم بقانون بالتعديل، وإنما هو مجرد موافقة مبدئية من مجلس الوزراء، وقد لا تنفذ عمليا بسبب الأحداث الحالية.
وحول التعديلات التى أقرتها الحكومة برفع حد الإعفاء إلى 2 مليون جنيه بالنسبة للسكن الخاص، وقصر الإعفاء على عقار للمالك الواحد، دون العقارات الأخرى التى يملكها، قال الخبير الضريبى أنه يرفض من الأساس مبدأ إعفاء السكن الخاص، كما عارض رفع حد الإعفاء إلى 2 مليون جنيه، مؤكدا أنه بهذا سيستفيد منه القادرون، بما يتنافى مع هدف القانون وهو تحقيق العدالة الاجتماعية.
واقترح جاب الله الاكتفاء برفع حد الإعفاء إلى 700 ألف جنيه بدلا من 500 ألف، حتى يتم تحصيل الضريبة من الأغنياء، لافتا إلى أن ضريبة الـ 500 ألف لا تتعدى 30 جنيها سنويا، وهى قيمة ضئيلة للغاية.
وأشار جاب الله إلى وزير المالية كان بإمكانه تحصيل مبالغ كبيرة من خلال القانون السارى حاليا رقم 56 لسنة 54، من خلال إصدار قرار بتحديد كردونات المدن، بحيث تشمل جميع العقارات الموجودة خارج الكردون، وهو ما يجعلها فى نطاق الخضوع للضريبة، دون الحاجة لإجراء تعديلات أو قوانين جديدة.
من جانبه اعتبر صلاح الشرقاوى رئيس الإدارة المركزية للشئون الضريبية بمصلحة الضرائب العقارية سابقا، أن التأجيل المستمر للقانون يؤكد حالة التخبط التى تعيشها وزارة المالية والحكومة بأكملها، مشيرا إلى أن استحقاق الضريبة لابد أن يكون عن سنة ميلادية على أن يبدأ الربط فى يناير التالى لانتهاء أعمال الحصر والتقدير، وهو ما يصعب تغييره، لأنه لا يمكن تغيير الربط السنوى للضريبة ليتم خلال 6 أشهر، الأمر الذى لم يحدث فى أى نوع من أنواع الضرائب.
وانتقد الشرقاوى عدم وجود نص بالقانون يوضح أسس تقدير العقارات، كما كان الأمر فى القوانين السابقة، وهو ما يصعب تطبيق القانون من الأساس، لافتا إلى أنه لا يمكن الاستناد إلى التقييم العقارى فقط عند تطبيق القانون، خاصة وأنه ليس لدينا رقم قومى للعقارات حتى الآن.
من جانبه رحب محمد عامر سيف الخبير الضريبى، بتعديلات القانون التى تم الإعلان عنها، خاصة رفع حد الإعفاء إلى 2 مليون جنيه بالنسبة للعقارات السكنية، وقصر الإعفاء على عقار واحد لكل مالك، مطالبا بوضع ضوابط لتحديد السكن الخاص الخاضع للإعفاء منعا لتلاعب الممولين.
وحول أهم الضوابط المطلوبة، أوضح سيف ضرورة أن تكون إقامة المالك دائمة بالعقار، أو يكون مقر رئيسى له يشغله أكثر من 182 يوم فى السنة، أى أكثر من نصف العام، وتحديد الوحدة المستقلة التى تصلح أن تكون سكنا خاصا، وذلك لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية.
وأشار سيف إلى أنه لا يمكن الحكم على التعديلات من خلال التصريحات المقتضبة التى أعلنها مجلس الوزراء، خاصة فيما يتعلق بالتأجيل لمدة 6 أشهر، فلم يتم إعلان مدة سريان الضريبة نفسها هل سيكون من أول يناير أم تعديل القانون لتكون سنة مالية تبدأ من أول يوليو لنهاية يونيو التالى، وهو ما يمكن معالجته من خلال مرسوم بقانون يصدر من رئاسة الجمهورية، مؤكدا أن تأجيل العمل بالقانون وتعديلاته لا يزال مجرد مقترحات لن تدخل حيز التنفيذ الفعلى سوى من خلال مرسوم بقانون يصدر من رئاسة الجمهورية، وهو ما لم يحدث حتى الآن.