رغم شعور موظفي الدولة بالارتياح بعد إعلان الحكومة عن تطبيق الحد الأدني, فإن هناك إحساسا عاما بالحيرة, فالقرار لن يستفيد منه إلا من يتقاضون أقل من1200 جنيه.
وكل المعينين حديثا, لكنه لن يطبق علي أصحاب الأجر الأعلي, وأيضا أصحاب المعاشات.
والقضية التي لا تقل أهمية كيف ستمول الحكومة هذه الزيادة برغم عدم الإعلان عن تطبيق الحد الأقصي في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة؟
في البداية يوضح الدكتور علي لطفي رئيس الوزراء الأسبق ــ أن ما تم الإعلان عنه كحد أدني للأجور في الايام الماضية والذي يقدر بـ1200 جنيه, هو مجموع ما سيحصل عليه العامل من أجر ثابت ومتغير, وليس كما يظن البعض أن الأساسي سيصل لـ1200 جنيه, وأضاف أن هناك عدة نقاط لم يشملها القرار أولاها لم يتم تدريج لهيكل المرتبات, فعند رفع الحد الأدني لحديثي التعيين كيف سيتم التعامل مع قدامي العاملين الذين لم تتجاوز رواتبهم1500, وربما أقل, ويزيدون علي1200, فهؤلاء لم يشملهم تعديل الأجور, ثانيتها لم يتم الإعلان حتي الآن عن الحد الأقصي, فلم نسمع كلمة واحدة عن ذلك, وهذا خطأ كبير, لأن الهدف من تعديل الأجور هو تحقيق العدالة الاجتماعية, وهذا لن يتحقق دون تعديل الحد الأقصي, وأضاف متسائلا: من أين ستمول الحكومة هذه المبالغ دون تحديد الحد الأقصي أيضا لابد من الإعلان عن التكلفة الفعلية التي ستتكبدها الدولة لصرف الحد الأدني للرواتب.
واضاف لطفي أن الحكومة لم تتطرق أيضا لأصحاب المعاشات وهؤلاء أيضا يحتاجون إلي زيادة معاشهم فالكثير ممن تخطي عمره60 عاما يعانون أمراضا مزمنة تحتاج الي علاج بمبالغ كثيرة ربما لا يجدوا العلاج المناسب في التأمين الصحي, مشيرا الي عدم التطرق أيضا لأصحاب المعاشات الاستثنائية وليس لهم مصدر دخل إلا البضعة جنيهات التي يتقاضونها من المعاش الاستثنائي فهؤلاء يقدر عددهم بـ750 ألف مواطن تقريبا فكان لابد من النظر إليهم.
ودعا لطفي الحكومة إلي المزيد من البحث والدراسة والشفافية في هذا الأمر, مشيرا إلي أن ما تم الإعلان عنه ما هو إلا قرار ومن الممكن تعديله أو تغييره حتي تتحقق العدالة الاجتماعية للجميع.
هذا القرار من المفترض أن يحقق آمال وطموحات شريحة كبيرة في المجتمع ولكن فوجئنا أن به خللا كبيرا ولم يحقق العدالة الاجتماعية المنشودة, والكلام لعبد المنعم الجمل ــ أمين صندوق اتحاد نقابات عمال مصر وعضو المجلس القومي للأجور ــ مضيفا أنه كان أملنا كاتحاد نقابات عمال مصر أن يكون مبلغ1200 جنيه الذي تم الإعلان عنه يكون كحد أدني للأجر الأساسي وليس كأجر شامل للحوافز والبدلات فما تم الاعلان عنه هو اجر شامل وهذا لم يرتق لمستوي الآمال والطموحات للعمال والموظفين في الدولة.
وأضاف الجمل: تمسك الاتحاد بوضع الحد الأدني للاجر الاساسي لان هناك تفاوت كبير في الاجر بين جهات وأخري, متسائلا: أين العدالة من ذلك؟ هذا إلي جانب عدم التطرق لتدرج الأجور, فوفقا لمنظمة العمل الدولية فإن العاملين الأقدم تتم زيادة رواتبهم5% عمن تم تعيينه حديثا, مؤكدا أنه مازال هناك وقت امام الحكومة لتعديل القرار وهناك اشياء يمكن من خلالها زيادة رواتب الموظفين دون زيادة الحد الأدني في مثل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة فمثلا إذا قامت الحكومة بخفض ما يخصم من العامل أو الموظف للتأمين الصحي من40% إلي20% سيحقق زيادة في الراتب دون تكبد الدولة أجورا جديدة, أيضا ضريبة كسب العمل التي تخصم من العامل إذا رفعت الحكومة هذه الضريبة علي من يتقاضي أجرا قليلا ستوفر له مبلغا دون الحاجة لزيادة راتبه.
أما الدكتور محمد عبد البديع نائب رئيس مجلس الدولة والخبير الاقتصادي فيري ان القرار غير مدروس فلابد من وجود تشريع لتنظيم الحدين الأدني والاقصي للأجر حتي يتم تمويل المبالغ اللازمة بالنسبة للأجور التي سترتفع للحد الأدني, متوقعا وجود ضغوط علي الحكومة واعتراضات شديدة من كبار العاملين بالدولة ممن يتقاضوا رواتب كبيرة حتي لا يطبق الحد الأقصي.
واكد عبد البديع صعوبة تطبيق الحد الأدني دون الأقصي لأن هناك شريحة كبيرة سترتفع رواتبهم إلي1200 جنيه, وبذلك ستتكبد الحكومة مبالغ طائلة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية للبلد وعجز الموازنة الضخم, ففي هذه الحالة ربما تتجه الحكومة إلي المعونات للتمويل.
وفي نفس السياق, رفض مصدر مسئول بوزارة المالية الإدلاء بأي تصريحات في الوقت الحالي, مؤكدا التزام المالية بتطبيق الحد الأدني للأجور يناير2014, وما يستطيع قوله إن قرار تطبيق الحد الأدني للأجر سيستفيد منه من3 إلي4 ملايين عامل ممن تقل رواتبهم عن1200 جنيه.
وأوضح أن هيكل الأجور في مصر يميز بين العاملين في القطاع الحكومي الذي ينقسم إلي قطاع خاص له موازنات خاصة وإلي عاملين تابعين للموازنة العامة للدولة ويندرجون تحت مسمي المحليات التي تحوي الوزارات والمصالح والهيئات الخدمية كالجامعة والآثار وجهات الحكم المحلي وهؤلاء هم لب القضية فهم أدني فئات في الدخول فهيكل الأجور لم يتغير منذ عام78 وأول علاوة اجتماعية خاصة كانت عام87 لتحسين أجور الناس.
وأكد المصدر أن الدكتور أحمد جلال ــ وزير المالية ــ كان قد أعلن أن تطبيق الحد الأدني للأجور ليس المقصود به إعادة هيكلة الأجور وإنما لتحسين الأحوال المعيشية في أول درجات السلم الوظيفي.