الأحد , 27 يوليو 2014 08:44
تصطدم أهداف وفلسفة الإصلاح الضريبى الذى تتبناه الحكومة حالياً مع فشل منظومة «الحصر الضريبى» داخل مصلحة الضرائب، خاصة أن هذا الإصلاح يعتمد على التعديلات الصادرة مؤخراً
بقرار جمهورى يستهدف توسيع قاعدة المجتمع الضريبى وزيادة الحصيلة من خلال الوصول إلى أكبر عدد من دافعى الضرائب، ولا يتحقق هذا التوسع إلا من خلال الحصر الدقيق لمختلف فئات المجتمع الضريبى، من أجل إنشاء قاعدة بيانات ومعلومات متكاملة عن جميع الممولين وتحديد حجم أنشطتهم، والذى يؤدى بدوره إلى الوصول إلى ما تبحث عنه مصلحة الضرائب بزيادة الحصيلة الضريبية لخزانة الدولة، بالإضافة إلى تحجيم ظاهرة التهرب الضريبى والقضاء عليها، ومن ثم إصلاح المنظومة الضريبية ككل.. ولكن أمام ذلك تؤكد الحقائق أن عمليات حصر المجتمع الضريبى تعد متوقفة ولم تحدث تقدماً منذ بداية تطبيق قانون الضرائب عام 2005!!
وشهدت السنوات الماضية مع بداية تطبيق قانون الضرائب الحالى محاولات من مصلحة الضرائب لتطبيق نظام محدد للحصر الضريبى يحقق الأهداف المرجوة منه، كان أبرزها جمع نظم الحصر بين الضرائب العامة والضريبة العقارية فى عهد رئيس المصلحة السابق محمود محمد على، حيث تم وقتها إنشاء لجنة مشتركة بين المصلحتين للتنسيق فى عمليات الحصر الدقيق للمجتمع الضريبى، وكانت تستهدف تلك اللجنة متابعة وتوحيد الجهود لحصر المجتمع الضريبى إلا أنها لم تحقق المستهدف منها، ومؤخراً حاولت مصلحة الضرائب إجراء حصر للمجتمع الضريبى والقضاء على ظاهرة التهريب من خلال الإعداد لاتخاذ مجموعة من الإجراءات التشريعية والإدارية لتفعيل العمل بالفاتورة الضريبية وتجريم عدم التعامل بها ولكن لم تصل للنتائج المرجوة.
وتأتى الإصلاحات الضريبية الأخيرة الصادرة عن حكومة «محلب» لتؤكد ضرورة تفعيل منظومة الحصر الضريبى وإلا لن تنجح أهداف هذا الإصلاح، حيث أكد هانى قدرى، وزير المالية، أن تعديلات قانون الضريبة على الدخل تعتبر بداية لتطبيق إجراءات الحكومة الجديدة لإصلاح التشريعات الضريبية، بهدف توسيع القاعدة الضريبية وعدالتها، لتشمل الدخول والأنشطة الاقتصادية التى لا تخص الفقراء ومحدودى الدخل، بجانب مكافحة التهرب الضريبى من خلال دعم منظومة المعلومات وكذلك تحجيم التجنب الضريبى الضار من خلال استحداث نص فى القانون يساعد على ذلك.
«المعلومات» كلمة السر التى أطلقها الدكتور مصطفى عبدالقادر، رئيس مصلحة الضرائب، لإعلان خطته فى تحقيق المستهدف من تعديلات الضرائب الأخيرة، وأكد «عبدالقادر» أنه سيتم اتباع إجراءات جديدة لمكافحة التهرب الضريبى ونجاح تطبيق فلسفة التعديلات الجديدة للضرائب، وكشف عن عدم وجود ملفات ضريبية لبعض الممولين، وأكد أنه سيتم مواجهة هذا التهرب من خلال فتح ملفات جديدة للممولين، تعتمد على جمع بيانات تتمثل فى اسم الشركة والرقم القومى والعنوان، مشيراً إلى أنه سيتم فرض عقوبة تتراوح بين 10 إلى 50 ألف جنيه لكل من يرفض إمداد الإدارة الضريبية بالمعلومات عن نشاطه، وطالب بضرورة تضافر الجهود المجتمعية مع مصلحة الضرائب ومسئولى التهرب الضريبى، وأكد أن ذلك يعد الوسيلة الوحيدة التى تكشف محاولات التهرب.
من جانبه، يضع المحاسب القانونى فرج عبدالسميع، عضو جمعية خبراء الضرائب المصرية، مسئول مصلحة الضرائب السابق، رؤية جديدة لزيادة الحصيلة من خلال حصر المجتمع الضريبى، تعتمد على تكوين قاعدة معلومات عن الممولين، واستخدام التكنولوجيا الحديثة فى أعمال التحصيل بالمصلحة (أى الميكنة)، وتفعيل النص الخاص بعد إصدار الفاتورة، موضحاً أن حصر المجتمع الضريبى يتم عن طريق شعب الحصر بالمأموريات الضريبية كل فى نطاق اختصاصه الجغرافى، الأمر الذى يؤدى إلى ضم العديد من الممولين الذين يمارسون أنشطتهم بعيداً عن مظلة الضرائب وبالتالى الكشف عن حالات التهرب الضريبى وزيادة المجتمع الضريبى.
وحول تكوين قاعدة معلومات عن الممولين، يؤكد أن من أهم الأسباب لزيادة الحصيلة أن يكون لدى مصلحة الضرائب المعلومات الكافية عن نشاط الممول وأعماله وممتلكاته دون الحاجة إلى اللجوء للممول لأخذ هذه المعلومات منه، الأمر الذى يدفع الممول إلى كتابة إقراره بطريقة سليمة دون إبطاء وسداد ما عليه من ضرائب.
وأضاف أنه يمكن أن تتوفر هذه المعلومات لمصلحة الضرائب من خلال ربط مصلحة الضرائب بالمصالح والجهات ذات الصلة عن طريق الحاسب الآلى ومن ثم تتوافر للمصلحة المعلومات اللازمة لمحاسبة سليمة وواقعية وسرعة فى التحصيل، ومن أمثلة هذه الجهات التى يتعين ربط مصلحة الضرائب بها مصلحة الجمارك والتأمينات الاجتماعية والسجل التجارى والسجل الصناعى والشهر العقارى والضرائب العقارية والمرور ووزارة الصحة والسجل المدنى.
وأشار فرج عبدالسميع إلى أن هناك ربطاً ما بين مصلحة الضرائب العامة وضرائب المبيعات لتبادل المعلومات بينهما، وأنه إذا أضفنا إليهم المعلومات الواردة من الجمارك والتأمينات أصبح لدينا معلومات عن حجم النشاط من مشتريات ومبيعات وعمالة، وأضاف أن ربط مصلحة الضرائب بالجهات التى تمنح تراخيص مزاولة النشاط وتجديد هذا الترخيص يساعد المصلحة على حصر المجتمع الضريبى بالنسبة للتراخيص الجديدة وزيادة الحصيلة من خلال سداد نسبة من قيمة الترخيص تحت حساب الضريبة عند التجديد.
وأوضح أن ربط مصلحة الضرائب بالشهر العقارى والضرائب العقارية والمرور سيساعد المصلحة كثيراً فى اتخاذ إجراءات التحصيل لضريبة التصرفات العقارية فى وقت مناسب دون انتظار إخطار من مصلحة الشهر العقارى لمصلحة الضرائب وما يترتب على تأخر هذا الإخطار من إضرار للخزانة العامة لعدم القدرة على الوصول للمتصرف فى الوقت المناسب، فضلاً عن أن ربط الضرائب بالشهر العقارى والضرائب العقارية والمرور يفيد فى تحديد ممتلكات الممول العقارية، لافتاً إلى أن جميع أموال الممول ضامنة للوفاء بالضريبة طبقاً لأحكام القانون 308 لسنة 1955، أما بالنسبة لربط مصلحة الضرائب بوزارة الصحة فإن هذا الربط سيفيد فى معرفة حالات الوفاة بالنسبة للممولين، ومن ثم يمكن للمصلحة اتخاذ إجراء الفحص والربط والتحصيل لحالات الوفاة فى وقت مناسب قبل التصرف فى التركة من قبل الورثة، كما أن ربط المصلحة بالسجل المدنى يفيد فى معرفة أى تعديلات تطرأ على بيانات الممول سواء فى العنوان أو الاسم أو أى بيانات أخرى.
وحول ميكنة جميع أعمال الفحص والربط والتحصيل يؤكد المحاسب القانونى أحمد عبدالحكيم، الخبير فى شئون ضريبة الأرباح التجارية أن ميكنة أعمال الفحص والربط والتحصيل يؤدى إلى سرعة أداء العمل وتوفير الوقت والجهد ومن ثم سرعة التحصيل، بحيث تصدر من الحاسب الآلى داخل كل مأمورية نماذج الربط، ثم يصدر بعد ذلك تقرير من الحاسب بالحالات التى تم الطعن عليها فى الميعاد القانونى، وما لم يتم الطعن عليها يصدر لها من خلال الحاسب مطالبات بالسداد، ثم بعد ذلك يصدر لهذه المطالبات أوامر بالحجز بعد انتهاء الفترة المحددة قانوناً من تاريخ المطالبة وهى خمسة عشر يوماً.
وأضاف «عبدالحكيم» أن هدف زيادة الحصيلة الضريبية من خلال الحصر الضريبى يتبلور من خلال تحقيقه إلى جانب عدة عوامل أخرى أبرزها سرعة الفصل فى المنازعات الضريبية داخل المصلحة بزيادة عدد لجان فض المنازعات واللجان الداخلية وإعطاء حافز حال الاتفاق باللجان الداخلية أو السداد خلال فترة محددة، وكذلك التركيز على تنفيذ أوامر الحجز الكبيرة ومتابعة كبار المقسطين، وأيضاً العمل على رفع كفاءة العاملين بالمصلحة.
ومن جانبه، يطالب المحاسب القانونى محمد الغمراوى بتحقيق الحصر الضريبى من خلال وضع نظام آلى يؤدى إلى ضبط المجتمع الضريبى ويظهر حجم تعاملات المنتجين والموردين والعملاء من خلال شاشة كمبيوتر واحدة، مع عدم الحاجة لتعديل النصوص الحالية أو فرض ضرائب جديدة، وشدد على ضرورة الالتزام بإمساك الدفاتر وإصدار الفواتير، إلا أن هذا الأمر لا يتحقق وتحول إلى آفة يعانى منها المجتمع الضريبى فى مصر منذ سنوات، وشدد على ضرورة الالتزام بالفاتورة الضريبية وانتظام الأسواق لإثبات التعاملات بما له من أهمية وانعكاسات إيجابية على المحاسبة الضريبية، وكذلك أهمية التدرج فى التطبيق بما له من تأثير كبير على الأعباء الضريبية، خاصة بالنسبة للأنشطة التى يصعب تغطية جميع مصروفاتها بفواتير ضريبية.
اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوÙد الاليكترونية الوفد - فشل" الحصر" يهدد الإصلاح الضريبي